Wednesday, November 30, 2011

وصية المعتقلين السياسيين في سحن سلا المغربية

لا تصالح
عندما يملأ الحق قلبك
لا تصالح ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
لا تصالح وأرو قبلك بالدم
و أرو التراب المقدس
و أرو أسلافك الراقدين
إلى أن ترد عليك العظام
شعبنا الباسل, أمهاتنا الطاهرات, أبنائنا الشامخين, أخواتنا العفيفات, إخواننا الأمجاد رفاقنا الضراغم
سلام عليكم جميعا, نكتب لكم وصيتنا هاته ونحن على مشارف الشهادة في يومنا 30 من معركة الكرامة والشرف لنقول لكم :
أمهاتنا الطاهرات هذه قبلة حب أبدية نطبعها على جباهكم المرفوعة دهرا تمتزج بدمعة شوق وحنين ذرفتها العين في لحظة احتضار تختزلان كل المساحات والأزمنة من أجل البوح بمشاعر استحالت أمواج عاتية تتلاطم على شاطئ القلب لتنثر رذاذ عطر منبعث من ذكريات خالدة نعيد شريط وقائعها فتستوقفنا فيه تضحياتكم الجسام من أجلنا بسهركم وصبركم وتجلدكم, تحملتن الألم من أجل الأمل الذي عقدتموه فينا كنتن تفرحن عندما نفرح وتمرضن لحظة مرضنا أرضعتمونا حتى ارتوين واحتضنتمونا بدفء رائع, كانت أحشائكم المدرسة الأولى التي تلقينا أبجديات الثورة وحروف الوطن ومعاني النيل و التضحية والاستبسال عانيتن وبمرارة و أنتن تنتظرون لساعات وأيام طوال أمام المخافر و المعتقلات. أنها تضحيات استثنائية تفوق طاقة البشر ونحن نستحضرها الآن تجتاحنا أحاسيس عارمة تمزق الفؤاد لوعة وحنينا وتعصف بالكيان والوجدان وأمام هذا الحمل الثقيل الذي يلزمنا انطلاقا من وازع فطري ووجداني وأخلاقي يرد الجميل و الضيع, هنا نحن أمهاتنا الغاليات نفي بعهدنا لكن وللشهداء ونختار الموت البطيء ولكن بشرف وعز وتحدي وكبرياء الألم لتنتشوا بزغرودة نصر تطلقونها مخترقة لعنان السماء من أجل تمتيعكم بوضع اعتباري ومكانة رمزية كأمهات شهداء, فجزاكم الله عنا خيرا وصبرا صبرا موعدنا الجن إنشاء الله أبائنا الشامخين شموخ جبال هذا الوطن و المبجلين بتاج الهبة والوقار ونحن أبنائكم البررة الراسخون ثباتا وإباء من قلب الأقبية و السجون ونخط لكم من على فراش الموت ونحن نحتضر كلماتنا الأخيرة بمداد دم تأريخا للذكرى و حفظا للتاريخ لننحني باعتزاز وشموخ إجلالا لهاماتكم السابحة في بحور المجد... أنتم المدرسة والملهم أنتم ركام التجارب والقدوة والمعلم الذي يلقننا دروس الثورة وتعاليم المقاومة أنتم من قال لنا لا تصالح ولو منحوك الذهب أنتم من أخبرنا أن للحرية الحمراء باب بكل يد مدرجة تدق وأن ولائنا أولا وأخيرا يجب أن يكون للوطن و للوطن وحده, سرنا على نهجكم السديد وخطكم الثوري الملتزم نرجى إلى شمس ساطعة إلى غد قادم بزحف فيه الأخضر على بيادر القحط والبأس غد تزحف فيه الحرية على قلاع القهر و الاستعمار.
ووفاءنا لعهدكم وإنصافا لتضحياتكم كابدنا وقاسينا وعانينا جبروت العدو وسيادته بأنفة وإباء لنجسد واقعيا وميدانيا تعاقب الأجيال في أرقى صوره ولنكمل حلمكم المشروع وتطلعكم التاريخي نحو الإنعتاق لم نجد ما نتوج به هذه المسيرة الحافلة سوى أن نسترخص أنفسنا قرابين على مذبح الحرية شهداء عند ربنا نحسب فهنيئا لنا بكم وهنيئا لكم بنا وعوضكم الله وجزاكم عنا خيرا وصبر وصبر ميعادنا الجنة إنشاء الله.
إخواتنا العفيفات, إخواننا الأماجد
لا تصالح على الدم ... حتى الدم
لا تصالح ولو قيل رأس برأس
أكل الرؤوس سواء؟.
أقلب الغريب كقلب أخيك..؟. أعيناه عينا أخيك و هل تساوي يد سيفها كان لك... بيد سيفها أثكلك أمه قانون المراق هدار يرسم جغرافيا القهر الممتد على طول خارطة الوطن الجريح إنها تعاويذ البقاء الأبدي يرتلها الجسد المنهك النحيل وقلب يتراقص ألما على ‘إيقاع نغماته الأخيرة في سباق العمر... قبل الرحيل إلى جنان الخلد... أنها وصية تحوي في طياتها عهدا يحب الوفاء ودربا تلزمه الاستمرارية وثأرا مشتعلا في الأضلع ووطنا يسكن فينا سنين عجاف من العبودية و الاحتلال, هذا ميثاق بيننا وبينكم فصنوه و أحملوه دمعة من أعينكم لا تذرف إلا يوم يرفرف العلم الوطني خفاقا في فعيوننا الحبيبة حرة ومستقلة فلا مجال للبكاء الاتشاح بالسواد فالموت شرف هو مدعاة للفخر واستنهاض للهمم وحشدنا لمسايرة مسيرة التحرر الوطني والرقي بها تجربة عالمية فريدة تستلهم منها باقي الشعوب عبر التضحية والفداء فاجعلوها براكين وحمما تشهد على إندحار أخر جندي غازي لأرضنا العزيزة.
لا تصالح
فليس سوء أن تريد.
أنت فارس هذا الزمان الوحيد
وسواك... الممسوخ
شعبنا الباسل.
في هذا الزمن الردى حين يصبح الموت من مفردات الحياة تتكالب قوى الظلم و الطغيان على شعب أعزل إلى من إرادته فتنصب المشانق وتقيم حفلات القصاص الظالم, لكل صوت يسبح ضد التيار المتجبر إنها تراجيديا مظلمة ومأساة مفجعة, لكن بقدرة قادر وبتضحية مضحي وبدم شهيد وألم جريح ودموع ...
تتساقط أوراق التوت تباعا ليتعرى وجه النمر الورقي القبيح ويصبر الصوت السابح إعصارا مدمر يقض مضاجع الاحتلال ويزلزلها وتصبح حتمية النصر أمرا معاشا وواقع لا يمكن تجازوه تأطره معطيات الميدان, أي الانتفاضة كصيغة نضالية مفتوحة في بعدها الجماهيري الزاخر بالنضج والعطاء لتتوالى قوافل الشهداء و المعتقلين و المخطوفين و الجرحى و المعطوبين وتندلع في الأفق تباشير الحرية مع بزوغ كل فجر وتلوح أشعة الاستقلال تتربع في كبد السماء, وإيمانا منا أن البطولة تقتضي أن نمد أجسادنا جسورا, فقل لرفقائنا أن يعبروا, وهنا نحن اليوم شعبنا الأصيل نروي تراب الصحراء الطاهرة بدماء زكية ونصرخ ملء حناجرنا بكل عنفوان ثوري لنقول لا في وجه من قال نعم, لا للذل لا للخضوع لا للخنوع ونكتب لا بالدم و الروح ليشهد التاريخ على برنا بالوطن هذه هي فلسفة الكفاح الوطني وقوامه ننشد من خلالها الخلود وأملنا الالتحاق بركب الخالدين شهداء الوطن وهدفنا من وراء هذه التضحية أن نكون وقودا يشعل نارا حارقة تأتي على أخضر العدو ويابسه دعما لكل الآمال ولا تنتظر جزاءا ولا شكورا فهذا واجب وطني يمليه علينا ضمير متقد وحي ولكن ما ننتظر منكم ونوصيكم به نوجزه في هذه الأبيات الناطقة بلسان حالنا في ساعات الاحتضار هاته :
أيها الواقفون على حافة المذبحة
أشهروا الأسلحة
سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحة
الدم انساب فوق الوشاح
المنازل أضرحة...الزنازين أضرحة...المدى أضرحة...
فارفعوا الأسلحة و أتبعوني
أنا ندم الغد و البارحة
رايتي عظمتان و جمجمة
وشعاري الصباح

المعتقلين السياسيين الصحراويين
مجموعة أكديم إزيك المضربين عن الطعام
بسجن سلا2
29 نوفمبر2011