امريكا تفضل دورا للاوروبيين طالما أن مشكلة الصحراء الغربية من مخلفات ماضيهم الاستعماري في افريقيا
حسين مجدوبي
16/02/2009
مدريد ـ 'القدس العربي': سيبدأ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء الغربية، كريستوفر روس جولة إلى منطقة المغرب العربي في محاولة لتحريك الحوار حول هذا النزاع، بينما بدأت الأصوات ترتفع من أجل دور فعال للاتحاد الأوروبي في نزاع يقع على مشارف حدوده ويمس الأمن الداخلي لبعض أعضائه مثل اسبانيا وهو دور يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة ترحب به.
فقد كان من المنتظر أن يبدأ كريستوفر روس جولته إلى منطقة المغرب العربي منذ أسبوع على الأقل لكن حدث تأخير لأسباب غير معروفة ربما مرتبطة بتحفظ بعض الأطراف المعنية حول مضمون الزيارة، علما أن الأمم المتحدة أكدت أن الزيارة تهدف إلى الإعداد لجولة خامسة من المفاوضات بين المغرب والبوليساريو وفي الوقت نفسه الإعداد لتقرير إلى مجلس الأمن الذي سيصدر قرارا جديدا حول النزاع في نهاية شهر نيسان/أبريل المقبل.
لكن يبقى الجديد هو ارتفاع أصوات أوروبية تطالب بالتدخل في النزاع ورغبة أمريكية غير معلنة في هذا الشأن. في هذا الصدد، كان فرانسيسكو باستغيلي الرئيس السابق للأمم المتحدة في نزاع الصحراء 'مينورسو' سبّاقا إلى الدعوة إلى تدخل الاتحاد الأوروبي في لقاءات له مع المسؤولين الأوروبيين في نهاية يناير الماضي في بروكسيل.
والأسبوع الماضي اعتبر وزير الخارجية الاسباني ميغيل موراتينوس أن الاتحاد الأوروبي مطالب بدور في البحث عن النزاع، مؤكدا أن رئاسة اسبانيا للاتحاد الأوروبي ابتداء من سنة 2010 ستكون بداية دور فعال للاتحاد.
وبين التصريح الأول والثاني، كانت زيارة وفد عن البرلمان الأوروبي إلى منطقة الصحراء الغربية للإطلاع على وضعية حقوق الإنسان.
غير أن التطور الذي قد يدفع إلى دور للاتحاد الأوروبي هو موقف إدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما. فمن ضمن الخطوط العريضة لسياسة دبلوماسية باراك بشأن العالم العربي هو تقسيمه إلى ثلاثة أقسام ومحاولة نهج سياسة مختلفة من منطقة إلى أخرى، منطقة المغرب العربي، دول الشرق الأوسط ثم الخليج العربي وترى أنه يمكن معالجة مشاكل كل منطقة على حدة بسبب اختلاف هذه المشاكل والتقدم السياسي الحاصل في كل منطقة مقارنة مع الأخرى. كما تعتقد أن مساعدة هذه الدول للخروج من مشاكلها يتطلب أساسا مشاركة الدول ذات التأثير الإقليمي بمعنى أن مساعدة أمريكا اللاتينية يتطلب الاعتماد على البرازيل ومساعدة الدول الإفريقية يتطلب الاعتماد على دولة جنوب إفريقيا وفي المغرب العربي يتطلب مشاركة فرنسا واسبانيا أو الاتحاد الأوروبي عموما بحكم نفوذهم التاريخي ومصالحهم الاقتصادية في المنطقة.
فواشنطن في عهد أوباما تؤمن نسبيا بعالم متعدد الأقطاب لكن دون أن تفقد واشنطن هيمنتها.
وعلى ضوء هذا، فقد بدأ يتبلور مفهوم جديد لدى دبلوماسية واشنطن حول منطقة المغرب العربي ونزاع الصحراء يقوم على رغبة واشنطن في تعزيز تواجدها التجاري والنفطي في المغرب العربي وترك النزاعات الترابية للدول الكبـرى في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا واسبانيا بحكم أنها كانت قوى استعمارية في المنطقة وهي أدرى بالملف.
وعليه، فهذه الدول، وفق واشنطن، مطالبة بالمبادرة في حل النزاعات ومن ضمنها نزاع الصحراء لأنها نزاعات مترتبة عن الاستعمار الأوروبي ولم يكن للولايات المتحدة أي يد فيها. وإذا تبلور هذا التصور بشكل واضح وهو صعب على المدى القريب، فإيجاد حل لنزاع الصحراء سيتخذ طابعا إقليميا لأن استمراره يمس جنوب أوروبا وحله بطريقة غير مناسبة يمس جنوب أوروبا كذلك.
في المقام الثاني، يرغب الاتحاد الأوروبي في عالم متعدد الأقطاب، وتبرز الكثير من الدراسات الأوروبية أن بداية دور حقيقي للاتحاد الأوروبي يمر أساسا عبر المشاركة الفعالة في إيجاد حل لمشاكل للبحر الأبيض المتوسط ، الفضاء الذي يتقاسمه مع الدول العربية والفضاء الذي يعتبره حساسا لمصالحه السياسية والأمنية والاقتصادية. الاتحاد الأوروبي حاضر في الملف الفلسطيني عبر مبعوث خاص وعبر اللجنة الرباعية، ومتواجد في لبنان عبر قوات فينول التي تشكل اسبانيا وفرنسا وإيطاليا ركائزها الحقيقية ومتواجد في غرب البحر الأبيض المتوسط من خلال مشاريع التعاون مثل 'الاتحاد المتوسطي: مسلسل برشلونة'.
في هذا الصدد، فإسبانيا وفرنسا تلعبان دورا مهما في المفاوضات حول مستقبل الصحراء، سواء بشكل فردي أو في إطار 'مجموعة أصدقاء الصحراء' المكونة من البلدين علاوة على روسيا والولايات المتحدة ومن دولة أوروبية أخرى هي بريطانيا.
وهكذا، فالدور الفرنسي والإسباني مرشح إلى التطور إلى دور شامل للاتحاد الأوروبي، وكان الرئيس السابق للمينورسو قد دعا إلى مبعوث للاتحاد الأوروبي بدل أن يقتصر الأمر على باريس ومدريد.