تبادل الخدمات ما بين العرش الملكي بالمغرب والحركة الصهيونية العالمية
من جملة القرارات المثيرة التي اقدم عليها محمد السادس ملك المغرب، خلال زيارته الاراضي المحتلة من الصحراء الغربية بحر الشهر الماضي تعيينه لثلاثة سفراء متجولين، وفي وقت كان ينتظر ان تكون التعيينات ضمن الطاقم الدبلوماسي شاملة للمغاربة المتخصصين في قضية الصحراء الغربية او عناصر الطابور الخامس ذوي الوصول الصحراوية، عين محمد السادس ثلاثة شخصيات كانت الى حدما بعيدة عن مجال الدبلوماسية (الرسمية على الاقل)، وهم : سيرج بير دوغو serge perdugo – واسيا بن صالح - وبنونة – فما هي خفايا هذا التعيين ومن هم الاحصنة الجدد المنتخبون للترويج لمشروع "الحكم الذاتي" الذي يريد محمد السادس تمريره؟.
الاستنجاد بالحركة الصهيونية العالمية مرة اخرى.
قد يغيب على غير الخبير بخفايا السياسة المغربية الدور الكبير الذي تلعبه المنظومة الصهيونية في تأطير زوايا الظل في السياسة الاقتصادية، والدبلوماسية والامنية المغربية بشكل عام وفي المشروع الاستعماري المغربي في الصحراء الغربية . للتذكير فقط، نذكر: بان كلا من اندري آزولاي المستشار للحسن الثاني وبعده محمد السادس ودافيد عمار على وجه الخصوص لعبا دورا اساسيا في المفاوضات الاسبانية المغربية في سبتمبر واكتوبر بين الحسن الثاني ودي سوليس (رئيس الحركة الفاشية بإسبانيا)، سواءا في الرباط او استورياس الاسبانية والتي افضت الى ابرام الاتفاقية الثلاثية في 14 نوفمبر 1975 لاقتسام الصحراء الغربية بين المغرب ونظام ولد داداه الموريتاني، كما نذكر بالمساعدات العسكرية الاسرائيلية السخية طوال سنوات الحرب التي بلغت ما بين 1988-1976 –، 559 مليون دولار امريكي على شكل اسلحة وعتاد، او المختصين الاسرائيليين الذين يساعدون المغرب منذ يناير 1982 حتى دجنبر 1986 لاقامة جدرانه العسكرية بالصحراء الغربية، ومحاولة نسخ التجربة الاسرائيلية سواء تلك المتعلقة بالاحزمة الدفاعية (بارليف) او جدران العزل العنصرية المتبعة من طرف الدولة الصهيونية او قمع المقاومة الشعبية بالاراضي المحتلة الفلسطينية، وتطبيقها في الصحراء الغربية.
وفي إطار الهبة الصهيونية المستمرة لدعم سياسة العرش الاستعمارية بالصحراء الغربية تندرج الخطوة الاخيرة لملك المغرب لم يكن تعيين سيرج بير دي غو الشخصية الصهيونية المميزة صدفة إذ كان والده من 1938 حتى 1969 احد المؤطرين الرئيسين للعمل بالوكالة الصهيونية بالمغرب. كما لعب الابن سيرج المولود بمدينة مكناس سنة 1937، وخريج الحقوق والعلوم الاقتصادية بجامعة باريس سنة 1964.
وقد تقلد بير دي غو بمساعدة اللوبي الصهيوني بالمغرب منذ سن مبكرة العديد من الوظائف الاقتصادية كمدير للبنك المغربي للتنمية من 1964 حتى 1968 فمديرعام لشركة الاعمال الزراعية والاقتصادية 1970 – 1982 ليصبح وزيرا للسياحة في كل من كريم العمراني وعبد الطيف الفيلالي من نوفمبر 1993 حتى يونيو 1995، بموازاة مع هذا النشاط الرسمي عمل سيرج بير دي غو على تنشيط عمل الوكالة الصهيونية بالمغرب الذي اصابه الفتور بعد حرب يونيو 1967 . اذن اصبح سنة 1977 رئيسا الرابطة اليهودية بالمغرب ليعين سنة 1976 ورئيسا للمؤتمر اليهودي بالمغرب بعد الخدمات الهامة التي قدمها لافي عملية التقارب ما بين السادات والحسن الثاني وناحوم غولدمان – رئيس المؤتمر الصهيوني انذاك.
وبإختيار محمد السادس سيرج بير دي غو، و آسيا بن صالح على جه الخصوص نائبة رئيس جماعة الحكماء للحوار بين الشعوب والثقافات، المعروفة بنشاطها الصهيوني والتي لا تضم من العرب والمسلمين غير المغرب، لكون محمد السادس قد اختار من جديد خيار تحريك اللوبي الصهيوني للخروج من عزلته الديبلوماسية في قضية الصحراء الغربية، ولإستثمار اخطبوط علاقاته الواسعة والمؤثرة لاقحام مشروع "الحكم الذاتي"، كخيار من خيارات حل قضية الصحراء الغربية.
والسؤال المطروح إذا كان النظام بالمغرب يدعي التسامح، وادماج اليهود المغاربة في دواليب السياسة المغربية كمواطنين فلماذا نجده ولعشرات السنين يقمع ويعنف اليهود المغاربة المناهضين للصهيونية ويهمشهم والمثال الواضح هو قمعه لابراهام السرفاتي المناضل السياسي المعروف بمناهضته للعنصرية الصهيونية، وسيون أسيدون SION ASSIDON مؤسس الفرع المغربي لمنظمة الشفافية بالمغرب وعضو TRAN SPARENCY العالمية والذي يقضي ما يزيد على عشر سنوات بالسجون المغربية بعد محاكمة 1974؟.
وليس من باب الصدفة ان ترد الحركة الصهيونية الجميل للعرش المغربي وهو الذي ساهم ما بين سنوات 1961- 1967 في ترحيل 500 الف يهودي مغربي الى اسرائيل و 225 الف ما بين 1956 – 1961، عن طريق وكالة حيسا HAISSA الصهيونية وكاديما KADIMA والموساد مقابل 500 دولارللعائلة كما يؤكد ذلك الباحث الاسرائيلي روبير أساراف وبينسامون آنيسBENSSIMON AGNES و ROPERT ASSARAF في كتاب تاريخ هجرة سرية.
كما انه ليس من باب الصدفة ان تكون الشخصيات الصهيونية المتطرفة من اصول هؤلاء المهاجرين المغاربة من امثال هارون ابو خاتزيراAHARON ABUHATZEIRA ، وزير سابق ومؤسس حزب تامي TAMI اليميني، واريح ديري ARIEH DIRI وزير سابق وقائد حزب شاس المتطرف او دافيد ليفي وزير الخارجية السابق ورئيس حزب جيشير GESHER اليميني وامير بيريز زعيم حزب العمال ومارباMARPA منذ نوفمبر 2005.
وبخلاصة فإن تعيين سيرج بير دي غو واسيا بن صالح كسفراء متجولين لمحمد السادس، انما يؤكد استمرار تحكم دوائر الصهيونية العالمية في دواليب السياسة المغربية من جهة وإفلاس الدبلوماسية المغربية الرسمية في تمرير مشروعها الاستعماري في الصحراء الغربية، وتحريك اللوبي الصهيوني للتأثير على بعض مصادر القرار في العواصم الدولية، لكن السؤال الاهم يظل ما هو المقابل الذي اعطاه محمد السادس للصهيونية العالمية بالمغرب والمنطقة المغاربية والعالم العربي الاسلامي؟ سؤال نترك جوابه للاخوة بالمغرب الشقيق.
احمد خليل