Pages

Sunday, April 12, 2009

وفضيحة تورط الاستخبارات المغربية في تجنيد عبد العزيز النعماني

الدولة المغربية
وفضيحة تورط الاستخبارات المغربية في تجنيد عبد العزيز النعماني
منذ أربع وثلاثين سنة والدولة المغربية تشن هجومها الكاسح على الشبيبة الإسلامية المغربية وفضيلة المرشد العام للحركة الإسلامية بدعوى انتساب المدعو" عبد العزيز النعماني" إليها، بل والزعم بأنه من قادتها زورا وبهتانا كي تتكرس التهمة وتتحسن ظروف توظيفها ضد الحركة الإسلامية المغربية,
ثم بعد أن طالت القضية بطول قضية الصحراء التي يبذل النظام جهدا جهيدا لحلها، ويبذل نفس الجهد للتعتيم على براءة الشبيبة الإسلامية المغربية من دم بنجلون، وبدأت تنكشف الحقائق بالتدريج، فأخذ ممثلو النظام يعتذرون لنا بأن الملك مضغوط عليه من قبل اليساريين الذين يحقدون على فضيلة الشيخ مطيع، ولا ينسون قط" أنه المسؤول عن ظهور التيار الإسلامي المغريى المعاصر الذي هزمهم في جميع الساحات السياسية- حسب تعبيرهم-" وأن الملك "لا يستطيع حاليا مخالفة اليسار لأنه محتاج إليه"، ثم لما مل الناس هذه الأسطوانة المشروخة، انتحل النظام مبررا آخر لعرقلة عودة الشيخ مطيع، فحواه " أن حزب العدالة والتنمية بلغته نية الملك في حل هذه المشكلة فرفع إلى الملك تقريرا مفصلا يحذره من عودة الشيخ مطيع وخطورة ذلك على النظام، مما جعل الملك يتراجع عن قراره استجابة لنصائح حزب العدالة والتنمية.
نحن لا يهمنا مطلقا أن يبادر أحد لحل هذا الإشكال، لأن ما وقع قد وقع، وقد أدت الشبيبة الإسلامية ضريبة تأسيسها للتيار الإسلامي المعاصر كاملة سجنا ونفيا ومطاردة واستشهادا، ومراجعة الدولة لموقفها منها لن يعيد للذين قتلوا حياتهم، ولا لمن فقد صحته في غياهب السجون صحتهم، ولا للمنفين وأطفالهم ما ضاع منهم. ونحن ماضون في طريق دعوتنا وفاء بميثاقنا مع ربنا سبحانه وتعالى. لكن الذي يهمنا هو الحقائق التي أخذت أخيرا تنكشف تباعا، بعد أن اختفى مفبركها إدريس البصري وأعوانه لعنة الله عليهم.
لقد حرصت الأجهزة الأمنية طيلة أكثر من ثلث قرن على أن تفبرك كل حين خبرا كاذبا يربطنا بالمدعو النعماني، لأنه في رأيها كلما ارتبط اسمه بنا إلا وازداد اختفاء دورها في الجريمة.
بل إن الأجهزة المغربية استمرت تزوده بالتوجيه والمال منذ استقر في فرنسا، ويزوره مبعوثها المدعو بلحسن الدادسي أحد المقربين من عبد الكريم الخطيب، ورشيد بن عيسى أحد الجزائريين االمتحالفين مع النظام المغربي ضد الجزائر، واستمر بنبلة بتنسيق مع النظام المغربي يقدم المساعدات اللوجيستيكية والمادية للنعماني وبلعيرج والمعتصم، وأصحابهم، فسهل لهم اختراق النظام الإيراني بما له من نفوذ وصداقات معه، وذلك عبر بوابة لبنان أولا، ثم مباشرة عبر طهران ، وفسح لهم مجال مساعدته على إصدار مجلته في باريس، فسخروها أيضا للكذب على الشيخ مطيع والتشهير به ظلما وبهتانا وظلما. وسخرهم لتهريب الأسلحة إلى داخل الجزائر لمصلحة أعوانه....
ولما شعرت الأجهزة بأن الحقائق بدأت تتكشف، عمدت إلى تسريب خبر كاذب نشرته "جون أفريك" سنة 1985 فحواه أن الشيخ مطيع هاجر من ليبيا ولجأ إلى إيران فاشترطت عليه إيران التحالف مع النعماني كي تقبل لجوءه إليها، وكانوا بذلك ينوون دفع النعماني للقيام ببعض الأعمال الإرهابية ونسبتها إلينا عن طريقه، ولما كان الخبر كاذبا وتأكد لنا ضلوع الأجهزة المغربية في فبركته أصدرنا بيانا توضيحيا نكذب فيه ما جاء في جون أفريك، وعندما رفضت جون أفريك نشره نشرناه مباشرة على نطاق واسع.
إلا أن إفشالنا مؤامرة إدريس البصري الجديدة بتكذيبها، أفقد الأجهزة الأمنية صوابها، فأصدر عبد العزيز النعماني منشورا كله شتائم مقذعة هابطة في حقنا وحق الشيخ مطيع، وهو ما اعترف به أحد المعتقلين أخيرا في شبكة بلعيرج وقال إنه وجد عبد القادر بلعيرج يوزعه في بلجيكا، فأعرضنا عن هذا البيان وأصحابه، ولم نشتغل بمعارك هامشية يريد النظام أن يستدرجنا إليها.
وفي الوقت الذي كان فيه المرواني والمعتصم ولبيض يوسف في تنظيمهم الذي ترعاه إيران من جهة والاستخبارات المغربية من جهة أخرى،( الاختيار الإسلامي)، لا هم لهم إلا توزيع المناشير في أروبا باسم تنظيمهم تشهيرا بالشيخ مطيع لاتهامهم له بعرقلة المد الشيعي في المغرب، كان بلعيرج وبعض أصحابه في إيران يحرضون الإيرانيين على الشيخ، لأن الأجهزة المغربية كانت تخشى أن يلجأ الشيخ مطيع إليها بعد أن أخرجته السعودية من مكة المكرمة وبعد اتفاقية وجدة الموقعة بين النظام المغربي والسلطة الليبية. وتريد أن تأكل الثوم بفم إيران، وفعلا تلقى الشيخ مطيع دعوة رسمية من السفارة الإيرانية لزيارة إيران وحده كما اشترط ذلك السفير نفسه، فاعتذر عن تلبية الدعوة التي كانت غامضة وفي ظروف غامضة.
ثم بعد صراع على القيادة وخلاف بين بلعيرج والنعماني كما صرح بذلك أحد المعتقلين في محاضر التحقيق إذ قال حسب ما نشرته المغربية: ] ....الشيء الذي أصاب المتهم بليرج بخيبة أمل لعدم خضوعه لتداريب شبه عسكرية بلبنان، وبالتالي توجيه انتقادات لاذعة بعد العودة إلى فرنسا للمسمى عبد العزيز النعماني، لكونه لم يكن موفقا في تسيير الحركة وبرمجة توقيت التداريب... [استفرد بلعيرج بالجناح المسلح للتنظيم واستبعد النعماني، وتكفل المعتصم وأصحابه بالجناح السياسي. وتكاثرت أموالهم فأخذوا يوظفونها لشراء الضمائر والأتباع، وفي الدعاية الإعلامية وشراء الذمم الرخيصة، واحتد بينهم الصراع علي القيادة وعلى الأموال، ومعارك التصفية الجسدية فيما بينهم، كما صرح بذلك المرواني إذ اعترف بأنه كلف بلعيرج بتوفير مسدس يغتال به لبيض يوسف( بلقاسم) في بلجيكا، وأن لبيض يوسف ( بلقاسم) طلب من العبادلة ماء العينين (صيدلي) تزويده بمادة مخدرة تيسر له تصفية بعضهم كما ورد في صحيفة الشرق الأوسط (الشرق الأوسط 12 /8/2008/ العدد 10850). وكما ذكر ذلك بلعيرج إذ صرح بأن مصطفى المعتصم" أفتى؟!!!" بتصفية الابيض يوسف (بلقاسم) جسديا لأنه عميل للاستخبارات الفرنسية، كما ورد في موقع "ألوان".
ثم بعد التغييرات التي حدثت في الأجهزة المغربية وغياب إدريس البصري، رأت الدولة أن تفكك جميع الشبكات المعقدة التي تركها العهد القديم وراءه، فكان قرار تفكيك شبكة بلعيرج والمعتصم الأمنية، لإعادة بناء شبكات أخرى جديدة ومناسبة وطبقا لمواصفات العهد الجديد، فكان ما كان من اعتقال بلعيرج وأصحابه، لأن لعبتهم سارت في مسار غير مرغوب فيه. والقضية كلها مجرد تفكيك جهاز استخباراتي تابع لرجال إدريس البصري المقبور، كان يسخره لاختراق التنظيمات المعارضة والمعادية في المغرب وخارج المغرب (الجزائر، لبنان، إيران، مجموعة أبي نضال...) فلما تغيرت الظروف والرجال تقرر الاستغناء عن خدماته، وخشية مما قد يحدث بتصفيته تقرر اعتقال أعضائه في محاكمتهم التي شابها كثير من التهريج والترويج.
والآن، يأتيك بالأخبار من لم تزود، وتنكشف حقائق تورط النظام في تجنيد عبد العزيز النعماني، لكنها تنكشف هذه المرة من طرف جهة رسمية تمثل الملك نفسه في الموضوع وهي "لجنة الإنصاف والمصالحة"، فتنشر جريدة "الحياة الجديدة" في العدد 20 بتاريخ 11/17 يونيو 2008، الخبر الفضيحة، خلاصة تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة حول قضية بنجلون تعترف فيه بأن عبد العزيز النعماني مجند من قبل الاستخبارات المغربية.
السويد في 16 ربيع الثاني 1430هـ
الشبيبة الإسلامية المغربية
الأمانة العامة: الأمين العام/ عمر وجاج


نشرت جريدة الحياة الجديدة في العدد 20 بتاريخ 11/17 يونيو 2008، تقريرا حول حقائق كشفتها تحريات هيئة الإنصاف والمصالحة، حول حادثة اغتيال عمر بنجلون سنة 1975م، وكانت خلاصة هذه التحريات كما ورد في تقرير الصحيفة ما يلي:
1- هيئة الإنصاف والمصالحة تؤكد أن جهازا أمنيا سريا وراء عملية الاغتيال، والدولة مسؤولة عن ذلك.
2- الملك الراحل أكد لعبد الرحيم بوعبيد أن المسؤول المباشر عن التخطيط للقتل هو المدعو عبد العزيز النعماني.
3- لدى هيئة الإنصاف والمصالحة قرائن قوية على ارتباط عبد العزيز النعماني بأجهزة الأمن المغربي.

جهة رسمية تكشف ما كان يُعتبر سرّياً للغاية، عن مسؤولية جهاز أمنى تابع لوزارة الداخلية فى اغتيال الزعيم اليسارى، عمر بنجلّون، أحد أبرز قادة الاتحاد الاشتراكى للقوّات الشعبية فى حينه. وإذا كان اغتيال بنجلّون لا تتحمّل مسؤوليته وزارة الداخلية الراهنة، إلاّ أنه يحمل فى طيّاته معانى، أقلّها أنّ زمن التكتم عن الجرائم ولَّى بلا رجعة.
http://www.alqanat.com/news/shownews.asp?id=96000
http://www.a5baar.com/showthread.php?t=19771

أمّا التطوّر الثالث، فيتمثل باعتراف جهة رسمية فى المملكة بأن جهازاً أمنياً سرّياً تابعاً لأجهزة الدولة، يتحمّل مسؤولية اغتيال الزعيم الاشتراكى، عمر بنجلّون، فى ،1975 بينما كانت التهمة محصورةً سابقاً بإحدى الجماعات الإسلامية
http://www.alqanat.com/news/shownews.asp?id=96000
http://www.a5baar.com/showthread.php?t=19771


في هذا السياق، نسب إلى متهم تمهيديا أنه كان التقى، في غضون سنة 1987، المتهم عبد القادر بمسجد في لييج أثناء توزيعه مناشير لحركة المجاهدين وعبد العزيز النعماني في المغرب تتضمن نقدا لاذعا وسبا لحركة الشبيبة الإسلامية ومؤسسها عبد الكريم مطيع، ودعاه للإنخراط في حركة الاختيار الإسلامي، التي التحق بها
وأوضح المتهم أنه في سنة 1983 أخبره البوصغيري أن حركة المجاهدين في المغرب، ممثلة في المدعو عبد العزيز النعماني، أبرمت اتفاقا مع أحمد بن بلة، زعيم الحركة من أجل الديمقراطية بالجزائر، جرى بموجبه إدخال أسلحة نارية من أوروبا إلى منطقة الغزوات الجزائرية، بواسطة أتباع الحركة، التي ستحظى بقسط من الأسلحة وتسهيل عملية التحاق عناصرها بمعسكرات التدريب في لبنان.
وأكد المتهم نفسه أنه بموجب هذا الاتفاق، وبتمويل من الحركة المعارضة للنظام الجزائري، سافر إلى لبنان صيف 1983
.....الشيء الذي أصاب المتهم بليرج بخيبة أمل لعدم خضوعه لتداريب شبه عسكرية بلبنان، وبالتالي توجيه انتقادات لاذعة بعد العودة إلى فرنسا للمسمى عبد العزيز النعماني، لكونه لم يكن موفقا في تسيير الحركة وبرمجة توقيت التداريب
/ انظر:
موقع المغربية http://www.almaghribia.ma/Reports/Article.asp?idr=244&id=67621


...وأضاف المراوني أن العملية باءت بالفشل، نظراً لأن ماء العنين لم يحضر المادة المخدرة، من جهة، وبسبب يقظة سائق سيارة نقل الاموال، من جهة أخرى، لذلك لم يكن له بد من اللجوء الى خدمات بلعيرج، المختص في جلب الاسلحة، وبيعها في السوق السوداء، إذ طلب من بلعيرج إحضار مسدس لتصفية بلقاسم، الذي اتضح أنه اخترق تنظيمه، ذلك أنه كان يشتغل لفائدة الاستخبارات الفرنسية....
الشرق الأوسط 12 /8/2008/ العدد 10850
.........
وأكد المراوني أن الابيض بلقاسم، الذي كان نشيطا في صفوف تنظيمه «الاختيار الاسلامي» بأوروبا، عمل على استقطاب العبادلة ماء العينين، الذي كان يدرس الصيدلة ببلجيكا، والذي طلب منه إحضار مادة مخدرة من المختبر الذي كان يعمل به، لتصفية أحد الاشخاص، مضيفا أنه طلب من السريتي، وعبد الله الرماش (معتقل في إطار نفس الملف)، وماء العينين، استهداف سيارة نقل الأموال الخاصة بمؤسسة توزيع الماء والكهرباء، «إذ اتفقوا جميعهم على خطة، تهدف الى وضع مسامير في طريق السيارة المستهدفة، وأن يقوم الرماش بمهاجمة سائق السيارة، وشل حركته من خلال استخدام مادة مخدرة».

الشرق الأوسط 12 /8/2008/ العدد 10850




نشرت عدة مواقع إلكترونية عالمية هذا الخبر وعلقت عليه:

ففي موقعي القناة والأخبار ورد حرفيا تحت عنوان :
http://www.alqanat.com/news/shownews.asp?id=96000
http://www.a5baar.com/showthread.php?t=19771
بنموسى بأخطائه المتكررة وضع
المخـابرات المغربيـة في مـأزق !:
وهذا نص المقال:
وهذا نص المقال:
تبدى مصادر مطلعة في المملكة المغربية، انزعاجها الشديد من ثلاثة تطوّرات حدثت فى الأشهر الأخيرة. والمقصود بهذه التطوّرات، القبض على المدعو عبدالقادر بلعيرج ومعه مجموعة من قياديين فى أحزاب إسلامية: مصطفى المعتصم الذي يشغل منصب الأمين العام لحزب (البديل الحضارى) ومحمّد المروانى الأمين العام لحزب (الأمّة) وماء العينين العبادلة العضو المسؤول فى حزب (العدالة والتنمية) بتهمة تأسيس شبكة إرهابية هدفها تعريض حياة المواطنين للخطر والاعتداء على المؤسسات العامة والخاصة لزعزعة أمن البلاد.
وكان وزير الداخلية قد أعلن منذ شهر فبراير (شباط) الماضى، فى هذا الصدد، أنه تمّ (تفكيك أخطر تنظيم إرهابي فى المملكة المغربية) ، متهماً زعيم التنظيم، بلعيرج، بنسج علاقات مع (القاعدة) ومع (حزب الله) اللبناني أيضاً. ثمّ يأتي التطوّر الثاني في أحداث سيدي إفنى في ولاية أغادير الذي أوقع عدداً من الضحايا والمفقودين خلال مواجهات حصلت بين رجال الشرطة ومتظاهرين من المدينة المذكورة للاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعانون منها .
أمّا التطوّر الثالث، فيتمثل باعتراف جهة رسمية فى المملكة بأن جهازاً أمنياً سرّياً تابعاً لأجهزة الدولة، يتحمّل مسؤولية اغتيال الزعيم الاشتراكى، عمر بنجلّون، فى ،1975 بينما كانت التهمة محصورةً سابقاً بإحدى الجماعات الإسلامية.
هذه التطوّرات الثلاثة، ما خلفياتها؟ ولماذا تحتلّ الآن صدارة المشهد السياسي في المغرب؟ ومن سيدفع ثمنها لاحقاً؟ وما هي مسؤولية وزير الداخلية، شكيب بنموسى، فى فضيحة (شبكة بلعيرج) والتجاوزات الأمنية التي حصلت خلال المواجهات في أحداث سيدي إفنى التي جعلت المواطنين يعودون بالذاكرة إلى عهد دموىّ ظنّوه ولّى بدون رجعة؟
شبكة بلعيرج
إنّ التحوّلات التي طرأت حديثاً على قضية الشبكة الإرهابية المزعومة المتهم بإدارتها المواطن المغربى - البلجيكى، عبدالقادر بلعيرج، تزجّ بوزير الداخلية شكيب بنموسى فى موقف لا يحسد عليه أبداً. فبعد أن كان الوزير يعلن، منذ أشهر قليلة، فى مؤتمر صحفىّ مدوّ، أنّ الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف خيوط (أخطر شبكة إرهابية فى المملكة) ، ونجحت فى تفكيكها بإلقاء القبض على زعيمها الذى اعتقل فوراً إلى جانب شخصيات قيادية فى أحزاب إسلامية، ومن بينها حزب (العدالة والتنمية) ثانى أكبر حزب فى البرلمان المغربى، وموظفين فى الأجهزة الأمنية وأساتذة جامعيين ومواطنين عاديين، إذا به، غداة الاعترافات التى أدلى بها بلعيرج أمام قاضى التحقيق، يلتزم الصمت الذى لا يغدو معه كلام مصادر وزارة الداخلية، لناحية انتظار نهاية المحاكمة فى هذه القضية قبل الإدلاء بأىّ تصريح رسمى، كما يستوجب فى العادة احترام القضاء وأحكامه، مقنعاً البتة. وتعجب مصادر جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان من موقف وزارة الداخلية الملتبس هذا، وتردّ بقولها: أما كان أحرى بالوزير بنموسى أن يلتزم الصمت حيال قضية بلعيرج لدى ظهورها تاركاً للقضاء أمر البتّ فى صحّة ما نسب إلى أصحابها من اتهامات ثقيلة، بدلاً من الظهور فى مؤتمره الصحفى الشهير بمظهر من حقق انتصاراً أمنياً نادراً حتى قبل أن يتسلم القضاء دفوعات محامىّ الدفاع عن المتهمين؟
وفى الواقع، إنّ التقدّم فى التحقيق بملف (شبكة بلعيرج) ، كشف بما لا يقبل الشكّ عن زيف، أو فى الأقلّ تسرّع وزارة الداخلية فى إلقاء التهم على الظنّ وليس بناءً على معلومات مؤكدة. ففى أجوبته عن أسئلة قاضى التحقيق، قال عبدالقادر بلعيرج إن كلّ تحركاته كانت تتمّ وفقاً لمخطّط أمنى وضعته إحدى الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية. وهو لم يكن ليقوم إلاّ بما كان يُطلب منه لا أكثر ولا أقلّ. وعن سؤال القاضى عن أمر الأسلحة التى عثرت عليها الشرطة لدى بعض المتهمين بهذه الشبكة، أجاب بلعيرج: إنّ الأسلحة، هذه، ليس الغرض منها استخدامها ضدّ أهداف مغربية، وإنما هى بقايا من أسلحة كانت تُهرّب إلى الجزائر عبر المغرب، وبمعرفة تامة من الجهاز الأمنى التابع لوزارة الداخلية، وكان ذلك خلال عقد التسعينيات من القرن المنصرم، حين كانت المعارك محتدمة بين الجيش الجزائرى وقوات الأمن الشرعية من جهة، و(جيش الإنقاذ الإسلامى) من جهة أخرى، وأنّ السلاح المهرّب كانت وجهته إلى الجماعات الإسلامية.
وترى مصادر قريبة من (المخزن) ، حيث يصنع القرار السياسي في المملكة المغربية ، أنّ المسؤولين عن الأمن الوطنى، وفى مقدّمهم الوزير شكيب بنموسى، أخطأوا التقدير فى شأن قضية بلعيرج لسببين: الأوّل، أنّه لا يُوجد فى وزارة الداخلية المغربية أرشيف محفوظ عن العمليات الاستخباراتية الحسّاسة، ولا سيّما تلك التى كانت تنفذ فى عهد الوزير الراحل إدريس البصرى الذى كان شديد الحرص على ألا يُبقى أدنى أثر من تعليماته وأوامره إلى رجاله. وتضيف المصادر نفسها قائلةً: إنّ بلعيرج كان بلا شكّ من ضمن مجموعة ضيّقة تعمل تحت إمرة البصرى. وبإقالة الأخير، عمد خصمه حميدو لعنيكرى، مدير المخابرات وكان قد رقى إلى رتبة جنرال، إلى تهميش جميع رجال البصرى ومن ضمنهم بلعيرج. أما السلاح الذى عثر عليه فهو من الشحنات التى لم تُرسل إلى جيش الإنقاد الإسلامى لوصول عبدالعزيز بوتفليقة إلى السلطة، وشروعه على الفور بإحلال سياسة الوئام الوطنى التى كان من نتائجها الحدّ من المواجهات المسلحة بين القوّات الشرعية والمجموعات الإسلامية. وقد بادر بعض قادتها إلى إلقاء السلاح للإفادة من قانون العفو العام الذى قام عليه مشروع الوئام الوطنى.
أما السبب الآخر، فى رأى هذه المصادر، فيعود إلى حرص الوزير بنموسى على اتباع سياسة المخزن العامة، والقاضية بإضعاف الأحزاب الإسلامية أمام الرأى العام كلما سنحت الفرصة لذلك. وقد ظنّ بنموسى، لدى ظهور قضية بلعيرج، أن الفرصة ذهبية للإيقاع بالإسلاميين، وخصوصاً أنه كان من بين المتهمين، مسؤول فى حزب العدالة والتنمية، ماء العينين العبادلة. من هنا لجوء بنموسى إلى عقد مؤتمر صحفى، بدا من خلاله وكأنه حقق نصراً باهراً على الإسلاميين. أمّا الآن، وقد بدأت بعض الحقائق فى الظهور، وليس من دون مساعدة أجهزة مخزنية مقتدرة، فما هى المسؤولية التى تترتب على الوزير بنموسى فى حال صدرت أحكام تبرّئ المتهمين الذين اعتقلوا على ذمّة التحقيق فى شبكة بلعيرج؟ عن هذا السؤال، تؤثر المصادر ذاتها السكوت فى انتظار ما سوف تسفر عنه ردود الفعل من دولتين هما الجزائر وبلجيكا بما لهما من صلات بملفّ عبدالقادر بلعيرج.
ضياع الحقيقة
غير أنّ خبراء فى المنظمات الإرهابية، يعتبرون أن الوزير المغربى أخطأ منذ بداية ظهور قضية بلعيرج. فهو بفعل نشوة النصر على الإسلاميين، أغفل الانتباه إلى الإشارة الرمزية التى بعثتها السلطات البلجيكية فى اتجاهه، إذ أعلنت هذه فوراً عن تحفظها عن التحقيق فى قضية بلعيرج. ولكنّ بنموسى لم يحسن قراءة الرسالة البلجيكية حين نشرت صحيفة لو سوار البلجيكية خبراً يفيد أنّ بلعيرج عميل للمخابرات البلجيكية. وفى الواقع، يضيف أحد الخبراء فى ملفّ الإرهاب، كانت الرسالة بمنتهى الوضوح، إذ لم تعمد السلطات البلجيكية إلى تكذيب الخبر، وإنّما أعلنت عن عزمها على القيام بتحقيق لمعرفة هوّية الشخص الذى سرّبه. غير أنّ بنموسى أعرض عن ذلك كله، الأمر الذى أفضى بالقضية إلى المحكمة التى قد يصدر عنها ما يمكن أن يضع المخابرات المغربية والوزير نفسه فى مأزق لا مخرج منه إلاّ بالاستقالة.
وفى رأى مصدر غربى خبير فى التنظيمات الإرهابية، أنّ السلطات البلجيكية بتسريبها الخبر الذى ذكر تحفظها عن محاكمة عبدالقادر بلعيرج، كان الغرض منه إفهام وزير الداخلية المغربى وإدارة المخابرات فى المملكة أنّ الرجل المتهم بالإرهاب ليس إرهابياً قط. لأنّ الحقيقة، حسبما بدأت بعض الخيوط فى الظهور، تفيد أنّ بلعيرج الذى انتقل إلى بلجيكا بعد إقالة إدريس البصرى من منصب وزير الداخلية، سرعان ما أقام صلات بأجهزة الاستخبارات البلجيكية، ولا يُستبعد أن يكون تمّ ذلك بتوصية من البصرى نفسه، فوظفته فى قنواتها الخارجية. وسهّلت له الوصول إلى أفغانستان، حيث اتصل ببعض قياديى تنظيم القاعدة. ثمّ انتقل بعد ذلك إلى لبنان قاصداً حزب الله للتعرّف إلى بعض بنياته التحتية بحجّة تجنيد مواطنين مغربيين راغبين فى الجهاد ضدّ العدو الإسرائيلى فى صفوف الحزب.
أما من الناحية الجزائرية، فإن شهادة بلعيرج أمام القضاء، واعترافه بأنّ السلاح كان يُهرّب، عبر الأراضى المغربية، إلى جيش الإنقاذ الإسلامى، فى الفترة ما بين 1992 و،1999 بمعرفة وتسهيل وزير الداخلية الراحل، إدريس البصرى، من شأنه أن يثير زوبعة كبيرة فى العلاقات بين الشقيقين اللدودين، على ما يسودها من سوء مزمن بينهما.
ويتفق مع المصدر الغربى مصدر مغربى على اطلاع واسع بالتنظيمات والحركات الإسلامية، فيقول: كان ينبغى على المسؤولين فى الأجهزة الأمنية المغربية، أن ينظروا إلى ما أطلقوا عليه تعبير شبكة بلعيرج فى سياقها التاريخى، كما تقتضى قراءته سياسياً فى عقد التسعينيات الماضى. ففى ذلك العهد، لم تكن السلفية الجهادية ظهرت بعد إلى الوجود؛ ولم يكن هناك بعد تنظيم القاعدة، ولم يكن أحد يتحدّث بعد عن إرهاب أصولى. فالرجل - أى بلعيرج - هو ضحية، بمعنى ما، لمرحلتين لا رابط بينهما أبداً. مرحلة، كان ينسّق خلالها، مع وزير الداخلية الراحل إدريس البصرى، حول تهريب الأسلحة إلى الجزائر لنصرة ثائرين على نظام عسكرى يكنّ عداءً للمملكة المغربية. وفى هذا الصدد، يعتبر المصدر المغربى ذاته أنّ اعترافات بلعيرج لن تزيد العلاقات المغربية - الجزائرية سوءًا على سوء كما يظنّ البعض، لسبب بسيط، وهو أن المسؤولين فى القيادة الجزائرية على يقين تام، ومنذ سنوات طويلة، بأنّ أسلحةً كانت تبلغ جيش الإنقاذ الإسلامى عبر الأراضى المغربية، وبمعرفة ورضا كبار المسؤولين عن الأمن فى المملكة.
أما المرحلة الأخرى، فتبدأ مع انتهاء التنسيق الذى وضع حدّاً لتصدير السلاح إلى الجزائر، بذهاب البصرى، وإطلاق الرئيس بوتفليقة مشروعه فى الوئام الوطنى. فى هذه المرحلة، انتقل بلعيرج إلى بلجيكا لتلتقطه أجهزتها الاستخبارية، وتوظفه لمصالحها، وتمكنه من الوصول إلى مناطق تعتبر أرض الإرهاب مثل أفغانستان ولبنان، لجمع ما يتيسّر من معلومات عن التنظيمات التى توصف بالإرهاب، والوقوف عن كثب حول طريقة عملها وتجنيدها لمتطوعى الجهاد.
ويضيف المصدر المغربى نفسه: لعلّ حقيقة عبدالقادر بلعيرج انقضت بانقضاء دولة رجال البصرى، إذ بعد إقالة معلمهم من منصبه، تفرّق عقدهم، وانقطعت سبلهم، الأمر الذى يعنى، فى القراءة السياسية لتلك المرحلة، أنّ عمليات خطّطت لها الأجهزة الأمنية المغربية فى وقت سابق، بهدف الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا، تصبح اليوم موضع تشكيك، بل تجريم من المسؤولين الراهنين من غير أن يدرك هؤلاء حقيقة الخيط الواصل بين الأمس واليوم.
تجاوزات أمنية
ولم تقف أخطاء الأجهزة الأمنية المغربية عند حدّ شبكة بلعيرج، وإنّما تجاوزتها إلى أخطاء أخرى ارتكبتها فى أثناء تصدّيها لثائرين على تردّى الأحوال الاقتصادية والمعيشية فى مدينة سيدى إفنى الجنوبية - ولاية أغادير. وأسفرت هذه المواجهات، بحسب شهادات مواطنين، عن اقتحام للمنازل وسرقة محتوياتها، والتعرّض لسكانها بالضرب وأحياناً الاغتصاب، الأمر الذى أعاد إلى ذاكرة المواطنين عهداً ماضياً أريقت فيه دماء كثيرة تحت شعار الحفاظ على الأمن.
ومختصر الوقيعة بين المحتجين وقوّات الأمن، أنّ أكثر من أربعة آلاف شرطى، شنّوا هجوماً لتفريق شبّان حاصروا ميناء سيدى إفنى، طوال أسبوع، مطالبين بتشغيلهم بغية تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية التى ما عادت تحتمل فى فترة تشهد البلاد تزايداً مريعاً فى عدد العاطلين عن العمل والفقراء الذين لا يجدون القوت اليومى لهم ولعيالهم.
ولكنه على رغم وحشية التصدّى التى أظهرتها قوّات الشرطة، لم يسجّل وقوع قتلى، بينما كانت أعداد الجرحى والمصابين تقدّر بالعشرات، على ما ذكرته المصادر الرسمية، لأنّ السلطات لم تسمح لأجهزة الإعلام بالاقتراب من المستشفى حيث كان يعالج الجرحى. وذكرت بعض الأسر فى سيدى إفنى أنّ عدداً من أبنائها هم رهن الاعتقال، وتمنع السلطات زيارتهم، وأنّ هناك عدداً آخر فرّوا إلى الجبال المجاورة ليختبئوا فى الغابات مخافة أن يلقى القبض عليهم.
وبالرغم من أن الهدوء عاد نسبياً إلى هذه المدينة الجنوبية، إلاّ أن قوّات الشرطة لا تزال تحاصرها لعلمها أنّ المواجهات قد تنشب فى لحظة بسبب الغضب العارم الذى ينتاب سكّان تلك المنطقة الفقيرة التى تعتمد على مينائها كمصدر رزق وحيد.
وكان لهذه المواجهات وما تركته من آثار بليغة فى النفوس، وقع شديد فى أوساط الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى حيث تحرّكت فوراً، وقامت بإحصاء المفقودين والضحايا من الجرحى، واستمعت إلى السكان عن عمليات النهب والاغتصاب وسوى ذلك من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، كان يعتقد الجميع أنّ ذلك ذهب مع ذهاب البصرى. وأنّ الملك محمّد السادس الذى أمر بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة فى العام ،2003 حيث توّلت التحقيق طوال سنتين فى الانتهاكات التى تعرّض لها المواطنون فى السنوات السابقة لحكمه، لن يقبل بعودة الماضى البغيض فيما هو يعمل على تحديث البلاد منذ سنوات. وتتساءل الجمعيات الحقوقية: هل يعمد الملك إلى الاقتصاص من المسؤولين عن التجاوزات الأمنية التى حدثت فى سيدى إفنى التى بقيت تحت الاستعمار الإسبانى ثلاث عشرة سنة بعد استقلال المملكة؟
وفى غمرة ارتباك الأجهزة الأمنية من جرّاء تداعيات قضية بلعيرج وما خلفته أحداث سيدى إفنى من جروح فى نفوس أهل هذه المدينة، إذا بجهة رسمية تكشف ما كان يُعتبر سرّياً للغاية، عن مسؤولية جهاز أمنى تابع لوزارة الداخلية فى اغتيال الزعيم اليسارى، عمر بنجلّون، أحد أبرز قادة الاتحاد الاشتراكى للقوّات الشعبية فى حينه. وإذا كان اغتيال بنجلّون لا تتحمّل مسؤوليته وزارة الداخلية الراهنة، إلاّ أنه يحمل فى طيّاته معانى، أقلّها أنّ زمن التكتم عن الجرائم ولَّى بلا رجعة. وهذا يعنى ما يعنى بالنسبة إلى المسؤولين فى الأجهزة الأمنية الحالية التى تتخبّط فى أرض موحلة من الأفعال وردود الأفعال التى قد ينجم عنها تغيير حكومى شامل، أو فى أدنى تقدير، استبدال وزير الداخلية شكيب بنموسى .
ولكنّ مصادر قريبة من المخزن تشير إلى أن الملك محمّد السادس غير راضٍ عن أداء رئيس حكومته عبّاس الفاسى، ولا سيّما من الناحية الاقتصادية والأمنية. إذ على رغم معرفة العاهل المغربى بصعوبة المرحلة الاقتصادية عالمياً، فإن ذلك لا يعفى رئيس الحكومة والوزراء المختصين فى الشؤون الاقتصادية والاجتماعية من القيام بواجباتهم بحسب ما تتطلبه هذه المرحلة الصعبة. ولم تحسن حكومة عبّاس الفاسى من إدارة أزمة المحروقات، وهى واحدة من جملة أزمات تعترضها ولا تعثر على حلول ناجعة لها.
أما موقع الصحراء المغربية فيضيف معلومات اخرى مهمة تزيد الصورة وضوحا تحت عنوان:
مسار معتم في اتجاه القاعدة وتنظيمات متطرفة في الجزائر وفرنسا وبلجيكا وألمانيا
هل تكشف المخابرات البلجيكية تحركات بليرج؟
http://www.almaghribia.ma/Reports/Article.asp?idr=244&id=67621
وهذا نص المقال:

09:42 | 25.08.2008 عبد الرحيم الشافعي | المغربية
يطرح تتبع مسار المتهم عبد القادر بليرج، استنادا إلى المنسوب إليه تمهيديا وتفصيليا، كثيرا من اللبس بشأن التغطية الأمنية، التي كانت توفرها له المخابرات البلجيكية ونظيراتها الغربية،
باعتبار أنه يستحيل مطلقا عدم الاشتباه على الأقل في شخص له علاقات متشابكة مع تنظيمات متطرفة في فرنسا والسعودية والجزائر وبلجيكا وأفغانستان، خاصة بعد أحداث 11 شتنبر 2001، والهزات الإرهابية، التي شهدتها عدد من الدول الغربية، بل كيف يمكن عدم الشك في شخص كان ينتقل بين عدة بلدان ليصل إلى عقد عشاء مناقشة مع زعيم القاعدة، أسامة بن لادن، وعدد من رموز هذا التنظيم وتنظيمات متطرفة.
لاشك أن المخابرات البلجيكية، بوجه خاص، تتوفر على أجوبة شافية لكثير من المحطات الملتبسة في هذا الملف، في الشق المتعلق بتحركات بليرج خارج التراب الوطني، مع علمنا أنها (المخابرات البلجيكية) لن تكشف عن إجابات ضافية بدعوى حماية أمنها، واعتبارات أخرى مغلفة بمقتضيات قانونية.
في ظل هذا الالتباس تكشف "المغربية" عن جانب من مسار رجل شغل أجهزة المخابرات العالمية والرأي العام الوطني:
من بني شيكر إلى النقابة المسيحية
ازداد المتهم عبد القادر بليرج، الملقب بـ "عبد الكريم"، و"أبي ياسر"، و"الشريف"، بتاريخ 20 غشت 1957 ببني شيكر بإقليم الناظور، من أب كان قيد حياته يعمل بمعمل الصلب والحديد في بلجيكا، وأم ربة بيت، وله 5 إخوة، من ضمنهم صلاح المعتقل على ذمة تفكيك مصالح الأمن هذه الخلية في شهر فبراير 2008.
ولج الطفل عبد القادر عند بلوغه سن التمدرس، المدرسة الابتدائية بدوار بوغمارن، التي تابع فيها تعليمه إلى غاية مستوى السنة الرابعة، لينتقل إلى المدرسة الابتدائية بمنطقة زغنغن، حيث حصل على الشهادة الابتدائية، ليلتحق بثانوية الكندي بالناظور، التي درس بها لمدة سنة واحدة، بفعل انتقاله سنة 1971، رفقة عائلته إلى بلجيكا، لكون والده كان يشتغل بشركة خاصة بالصناعات الزجاجية بضواحي مدينة بروكسيل.
وتابع الشاب اليانع دراسته لمدة تسع سنوات ليحصل سنة 1980، على دبلوم الدراسات العليا في الكهرباء الصناعية، وعمل مدة 5 سنوات في شركة خاصة بتصنيع الصلب والحديد، ثم موظفا بالنقابة المسيحية في بروكسيل بقسم الدراسات حول الهجرة بشعبة العرب المقيمين في بلجيكا إلى غاية 1991، بموازاة تعاطيه للتجارة بالجملة في الملابس الجاهزة والتجهيزات المنزلية، ليعود للاشتغال ما بين سنة 1992 و1998، بشركة خاصة لبيع مواد البناء في بروكسيل، ثم التعاطي بصفة حرة للاتجار في الملابس الجاهزة والتجهيزات المنزلية والإلكترونية وغيرها دون التوفر على محل تجاري، والاشتغال سنة 2006، بمطعم للوجبات الخفيفة إلى غاية صيف 2007، بهدف تسوية وضعيته الاجتماعية مع إدارة الشغل، حيث قدر مدخوله الشهري بـ 5000 أورو.
تزوج المتهم بليرج، الذي لا يتوفر على أي سابقة قضائية، سنة 1980، من ابنة عمه وأنجبا 3 أولاد (27 سنة، و25 سنة، و19 سنة)، ليطلقها سنة 1989، ويتزوج سنة 1992 من جزائرية، ويخلفا 3 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات، و9 سنوات، و11 سنة، ليحصل في 2001 على الجنسية البلجيكية.
وسبق لبليرج أن شارك في أنشطة جمعوية في بروكسيل (ثقافية واجتماعية وترفيهية)، ولم ينخرط في أي حزب سياسي، والتحق في الثمانينيات بالنقابة العمالية الاشتراكية، ومارس في أواخر السبعينيات رياضة كرة القدم بفريق "Molembeek"، كما تلقى تدابير نظرية سنة 1987 بلبنان، انصبت حول استعمال الأسلحة النارية والمتفجرات، وتداريب سنة 1987، بأحد النوادي الخاصة في بروكسيل على الرماية بواسطة السلاح الناري.
الانخراط في الحركة الثورية الإسلامية المغربية الشيعية
تعرف المتهم عبد القادر بليرج سنة 1980، على المدعو خالد الشرقاوي الرباطي (متوفى)، مؤسس ما يسمى الحركة الثورية الإسلامية المغربية، عن طريق السفير الإيراني ببروكسيل، المهدب شهبور، بمقر السفارة، بعد أن تعرف على هذا الأخير بالجامعة الحرة في بروكسيل، في إطار ندوات تهم موضوع الثورة الإسلامية.
وبعد توطيد علاقة المتهم عبد القادر مع المسمى الرباطي سلمه نسخا من مجلة حركته، التي تتمحور مواضيعها الأساسية حول تغيير النظام القائم بالمغرب، واستبداله بالتجربة الإيرانية، كما حضر مع طلبة مقيمين في فرنسا اجتماعات أطرها الرباطي بمنزل جواد التبر (متوفى)، وعرفه على المسمى بكاسم لبيض، الذي يتبنى التوجه العقائدي نفسه، إضافة إلى حضوره احتفالات الذكرى السنوية الأولى للثورة الإسلامية بإيران، حيث استغرقت إقامتهم هناك مدة 15 يوما، التقوا فيها بالمسؤولين المشرفين على "الحوزة العلمية"، وجرى استقبالهم من طرف المهدي الهاشمي، المسؤول عن العلاقات مع الحركات التحررية، الذي اطلع المسمى خالد الشرقاوي الرباطي على رفض السلطات الإيرانية تقديم أي دعم لفائدته، لكونها غير راضية على سلوكه وتصرفاته، في حين طلب من بليرج الاستقرار بإيران، ووعده بتقديم مساعدة لتحقيق مشاريعه المستقبلية، الشيء الذي رفضه لكون توجهاته سنية لا تسمح بتبني مبادئ المذهب الشيعي.
الانخراط في حركة المجاهدين في المغرب
وبعد عودة هذه المجموعة من إيران، تدهورت علاقة بليرج بالرباطي سنة 1981 بسبب اتهام هذا الأخير عبد القادر أنه وراء إفساد صورته أمام الإيرانيين، ليتعرف أواخر سنة 1982 بمدينة بروكسيل على المدعو "البوصغيري"، العضو بمنظمة حركة المجاهدين في المغرب، التي يتزعمها عبد العزيز النعماني المتمركز في فرنسا آنذاك، حيث كان هذا الأخير يطمح إلى تغيير النظام في المملكة، اعتمادا على استقطاب عناصر من داخل المملكة، وأوربا، وترويج مجلة السرايا ….
وفي هذا السياق، نسب إلى المتهم بليرج تمهيديا أنه استقطب مهندسا في الميكانيك ومهندسا في الميدان النووي، وصاحب شركة للخياطة بالناظور، اللذين ألقي عليهما القبض…
وأوضح المتهم أنه في سنة 1983 أخبره البوصغيري أن حركة المجاهدين في المغرب، ممثلة في المدعو عبد العزيز النعماني، أبرمت اتفاقا مع أحمد بن بلة، زعيم الحركة من أجل الديمقراطية بالجزائر، جرى بموجبه إدخال أسلحة نارية من أوروبا إلى منطقة الغزوات الجزائرية، بواسطة أتباع الحركة، التي ستحظى بقسط من الأسلحة وتسهيل عملية التحاق عناصرها بمعسكرات التدريب في لبنان.
وأكد المتهم نفسه أنه بموجب هذا الاتفاق، وبتمويل من الحركة المعارضة للنظام الجزائري، سافر إلى لبنان صيف 1983 رفقة بن داوود والزاوي و3 جزائريين من الحركة الآنفة الذكر، حيث استقبلوا من طرف المسؤولين بالجماعة الإسلامية "لجان المساجد" ليتكلف أحد الفلسطينيين بتلقينهم دروسا نظرية بشأن طريقة استعمال الأسلحة النارية (مسدساتRPG 7 وبنادق كلاشنكوف)، وتصنيع المتفجرات، الشيء الذي أصاب المتهم بليرج بخيبة أمل لعدم خضوعه لتداريب شبه عسكرية بلبنان، وبالتالي توجيه انتقادات لاذعة بعد العودة إلى فرنسا للمسمى عبد العزيز النعماني، لكونه لم يكن موفقا في تسيير الحركة وبرمجة توقيت التداريب، التي تعرف بها على مجموعة من الأسماء، من بينها متهم حكم أمام القضاء المغربي بـ 20 سنة، والذي كان كشف أيضا، في آخر مراحل استنطاقه تفصيليا أمام قاضي التحقيق بالرباط، عن وجود أسلحة مخبأة في المغرب منذ سنوات، على غرار تصريحات المتهم عبد القادر أمام قاضي التحقيق نفسه.
خلية بروكسيل والرحلة إلى الجزائر
ونتيجة لهذه الانتقادات، قاطع أعضاء حركة المجاهدين في المغرب المتهم عبد القادر، الذي كان طلب منه سنة 1982 بإدخال أسلحة نارية إلى المغرب لفائدة هذه الحركة للقيام بأعمال جهادية (بنادق M 16، ورشاشات، ومتفجرات، وCOLTS 45)، إلا أن محاولته لم تجد شيئا، ما جعله في أواخر الثمانينيات يقوم بعمليات استقطاب طلبة مغاربة مقيمين في بروكسيل، في إطار تأسيس خلية جهادية في بلجيكا، حيث جمع أشخاصا اقتنعوا بالعمل معه انطلاقا من الخارج، وجند بعضهم أيضا لتنفيذ عمليات القتل المنسوب إليه ارتكابها فوق التراب البلجيكي، بعد زيارته للجزائر سنة 1988، التي كان ينوي الاستقرار بها بصفة نهائية، بحكم صعود نجم "جبهة الإنقاذ الإسلامية"، ومحاولة زواجه من جزائرية لكونها كانت متزوجة وأم لابن ..، إلا أن تعرفه على عناصر من منظمة أبي نظال الفلسطينية بالبلد نفسه سيتجه به نحو مسار آخر، حيث كان أحد عناصر هذا التنظيم طلب منه جمع معلومات عن الشخصيات الوازنة ذات الأصول اليهودية المستقرة في بلجيكا، والشخصيات السعودية في البلد نفسه، وإخباره بالزيارات، التي يقوم بها الراحل ياسر عرفات إلى المغرب، بعد أن سلمه الفلسطيني تقريرا صادرا عن مجموعة منظمة أبي نضال بالدار البيضاء، يتضمن معلومات عن شخصيات يهودية، وكتيبا حول تقنيات حرب العصابات.
وجدد المتهم عبد القادر سنة 1990، زيارته إلى الجزائر، رفقة 4 متهمين من خليته، الذين التحقوا لمدة 3 أسابيع بمعسكر تدريبي بمدينة صيدا، تابع لمنظمة أبي نضال الفلسطينية، في سياق تحالف بعد سفرهم إلى ليبيا والحصول على جوازات سفر تونسية مزورة.
تسلم أسلحة من عضو بجبهة الإنقاذ الجزائرية
وكان المتهم بليرج تعرف سنة 1994 ببروكسيل، عن الجزائري عبد الغني العوفي، العضو السابق بجبهة الإنقاذ الإسلامية، المكلف باقتناء الأسلحة لفائدة الجماعة نفسها، عن طريق جزائري آخر ممثل جبهة الإنقاذ في أوروبا، المسمى عبد الكريم بن عدة، حيث أخبره العوفي سنة 2000، قرار تجميد نشاطه في إطار جبهة الإنقاذ، ورغبته في التخلص من الأسلحة المتوفرة لديه، المتكونة من مسدسات ورشاشات وبنادق كلاشينكوف، مضيفا أنه طلب من هذا الأخير تمكينه من الأسلحة لاستغلالها في عملية الجهاد في المغرب، التي عمل على إدخالها عبر شخص إلى المملكة في سيارة عبر بوابة مليلية المحتلة ليجري تخزينها بمدينة الناظور.
علاقات وطيدة مع الجماعة السلفية
تعرف المتهم عبد القادر سنة 1999، على قيادي سابق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، اللاجئ في بلجيكا، المدعو بنرابح بنيطو، والمكلف باستقطاب المتطوعين إلى معسكرات الجماعة، والذي كان على علاقة بمغاربة عبد السلام ديان (من المغاربة الأفغان)، وإدريس عاطي الله (معتقل سابق في بلجيكا مرحل إلى المغرب)، وعلي العساس (عضو سابق بحركة المجاهدين في المغرب)، ومصطفى بوسيف المغربي (الحامل للجنسية البلجيكية)، الذي يعتبر محل لغز في علاقته بالمتهم بليرج منذ 1980، وارتباطه بالجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية.
وتمحورت النقاشات مع الجزائري بنرابح حول التدخل لدى قيادي الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) لتأسيس معسكر جهادي بالجزائر، يضم متطوعين مغاربة أغلبهم من العناصر المتبقية من حركة المجاهدين في المغرب، لتوجيه ضربات قاسية للمملكة، والعودة إلى معسكراتهم، أو القيام بعمليات ضد أهداف بالمغرب العربي تحت إشراف التنظيم الجزائري.



--

No comments:

Post a Comment