سجال مغربي ـ جزائري بلندن حول الصحراء الغربية واتهامات لمجلس الامن بـ التناقض وعرقلة الحلول
هيو روبرتس: الاستقلال يجب ان يطرح في مفاوضات الرباط مع البوليزاريو
28/06/2007
لندن ـ القدس العربي ـ من سمير ناصيف: انتقد هيو روبرتس، مدير مشروع شمالي افريقيا في المجموعة الدولية لفض النزاعات (ICG) والاختصاصي في شؤون المغرب الغربي، التناقض في موقف مجلس الامن التابع للامم المتحدة في معالجة قضية الصحراء الغربية. وقال ان هذا الموقف يؤدي الي الجمود في تحقيق الخطوات الايجابية لحل النزاع القائم حولها وذلك في ندوة اقيمت في معهد تشاتهام هاوس في لندن وشارك فيها السفيران المغربي والجزائري وممثل جبهة البوليزاريو في المملكة المتحدة وايرلندا.
واشار روبرتس الي ان تقريرين جديدين اشرف علي اعدادهما للمجموعة الدولية لفض النزاعات، وصدرا مؤخرا، اكدا بانه عندما يدعو مجلس الامن المغرب وجبهة البوليزاريو الي التفاوض فعليه ايضا ان يبقي جميع الخيارات مفتوحة في هذا التفاوض، وبينها خيار بحث استقلال منطقة الصحراء الغربية، مع اعطاء الضمانات بالمحافظة علي مصالح المغرب بعد هذا الاستقلال. فلا تكفي (برأي روبرتس) الدعوة، كما ورد في قرار مجلس الامن الصادر في 30 نيسان (ابريل) الماضي، الي المفاوضات المباشرة بين الجانبين، تحت الفصل السادس.
واضاف روبرتس قائلا انه اذا لم يكن بامكان مجلس الامن توضيح هذه النقطة فعليه ان يعترف بذلك لان عدم القيام بهذه الخطوة سيؤدي الي تجميد المواقف وربما فتح المجال امام استمرار النزاع مجددا الذي توقف ميدانيا وعسكريا في عام 1991.
وكان المغرب طرح انشاء منطقة حكم ذاتي في الصحراء الغربية، ورأي مجلس الامن ان المفاوضات المباشرة حول هذه المنطقة يجب ان تبدأ بين الجانبين المغربي والصحراوي في نهاية هذا الشهر حزيران (يونيو) 2007.
كما طالب روبرتس مجلس الامن باستخدام سلطته لاقناع المغرب بالتخلي عن شروطه المسبقة في تحديد ما يمكن بحثه في المفاوضات، حتي لو اضطر الي ممارسة بعض الضغوط، اذ لا يمكنه البقاء كحكم مؤثر وجانب متفرج غير فاعل، في الوقت عينه. فمثل هذا الموقف سيدفع الجانبين الي الاستمرار بالتمسك بمواقفهما.
ومن الامور التي طرحها روبرتس ان تنسحب الامم المتحدة من عملية التحكيم، اذا وجدت انها غير قادرة علي فعل ذلك بفعالية، علي ان تبقي القوات الميدانية الاممية متواجدة للفصل بين الجانبين في حال اندلاع النزاع العسكري مجددا.
واوضح بان الضغط من مجلس الامن علي المغرب هو الذي سيؤدي الي انطلاقة اكثر فاعلية من الانطلاقة الحالية وسيدفع الجزائر والبوليزاريو الي القيام بالدور المطلوب من جانبهما. ولا يمكن الانتظار حتي تقوم وزارة الخارجية الامريكية او الفرنسية، حسب قوله، بمبادرة في هذا الصدد. وقال بان بقاء الجزائر كدولة مراقبة في هذه المفاوضات، الذي يتعارض مع رغبة المغرب في دخول الحكومة الجزائرية دخولا مباشرا في المفاوضات، يعود الي التناقض وعدم الوضوح في مبادرات مجلس الامن الاخيرة بشأن الصحراء الغربية، وعندما سيتاح للبوليزاريو التفاوض حول الاستقلال والشؤون الاخري، ربما ستدخل الجزائر دخولا مباشرا وتتخلي عن دور المراقب، حسب قوله.
والجزائر برأيه، ترفض مبدأ تغيير الحدود التي حددت في فترة الاستعمار وورثتها دول المنطقة بعد استقلالها، الا في حال الاتفاق بين هذه الدول، وتري بان المغرب خالف هذا الميثاق عندما قرر تحديد حدوده من جانب واحد وبالقوة. ولذلك فان موقف مجلس الامن الحالي المتناقض والمتردد يدعم برأيه بشكل غير مباشر هذه المخالفة عندما يقبل بان تفرض شروط مسبقة من المغرب ازاء استقلال الصحراء الغربية في عملية التفاوض. والتقريران الصادران عن المجموعة الدولية لفض النزاعات يدعوان الي التوصل الي حل وسط يرضي الجانبين في هذا الشأن، حسب قول روبرتس، وعلي المغرب تقديم عرض للبوليزاريو يشمل نشوء كيان سياسي قانوني مستقل، واي عرض آخر يعتبر الصحراء الغربية جزءا من المغرب سيتم رفضه من الصحراويين.
وكان اول المتحدثين الذين ردوا علي روبرتس ممثل جبهة البوليزاريو في المملكة المتحدة وايرلندا الذي شكر روبرتس علي توضيح المواقف والاوضاع وقال ان وزير الخارجية الامريكي جيمس بيكر استقال من منصبه كمبعوث دولي مشرف علي قضية الصحراء بسبب فشل الامم المتحدة في تحقيق التزاماتها. وقال انه يطلب من المغرب اعتبار العرض الذي قدمه مؤخرا الي الصحراويين واحدا من عدة خيارات وليس العرض الوحيد.
وقدم السفير المغربي في المملكة المتحدة السيد محمد بلماحي مداخلة دافع فيها عن موقف بلاده معتبرا انها شكلت منبرا للحوار الايجابي، وتناقشت فيها جميع الجهات الفاعلة ربما لمرة اولي منذ زمن طويل.
ولعل ذلك، حسب قوله، خطوة نحو المزيد من الايجابية في المستقبل، ولكن بلماحي تساءل لماذا قدم روبرتس توصياته فقط الي مجلس الامن والمغرب مطالبا اياهما بتعديلات في المواقف ولم يطالب بالامر نفسه من البوليزاريو والجزائر؟ واكد بأنه لدي المغرب الخطة ب والخطة ث والرباط ليست جامدة المواقف وهي الآن في صدد بحث الخطة ث . واشار الي ان البوليزاريو واحدة من 32 مجموعة اجتماعية وقبلية في الصحراء الغربية، وقضية الجهة التي تمثل هذه المجموعات معقدة ولا يمكن حلها حسب منطق المراجع وكتب التدريس الاجنبية التي تبسط الحلول منطق اكثر مما يجب وانتقد السفير موقف روبرتس القائل بان المملكة المغربية مهددة بالزوال، اذا لم تحل مشكلة الصحراء الغربية، قائلا ان هذه المملكة وجدت منذ الفي عام وستبقي.
واشار الي ضرورة حل مشكلة الصحراء الغربية بالتعاون المباشر مع الجزائر، اذ ان الجزائر تشكل طرفا اساسيا في هذا النزاع وكل خطوة نقوم بها مع البوليزاريو يجب ان تحظي بموافقة الجزائر، فلماذا تقف حكومتها موقف المراقب فقط؟ ورد روبرتس قائلا بانه عندما يقبل المغرب التفاوض حول موضوع استقلال الصحراء والاعتراف ببحث تطلعات الصحراويين في هذا الشأن في المفاوضات فان الجزائر ستدخل، برأيه، كطرف مباشر في عملية التفاوض. واكد بانه يفهم الموقف المغربي المطالب بدور اكبر للجزائر في هذه العملية.
واضاف روبرتس قائلا ان جبهة البوليزاريو يجب ان تتعلم الدروس مما فعلته منظمة شين فين (الجناح السياسي للجيش الجمهوري الايرلندي) في ايرلندا الشمالية. بحيث دخلت في العملية السياسية الي اقصي مدي من دون ان تتخلي عن مبادئها وقيمها الاساسية بالنسبة لوحدة شطري ايرلندا، وفي ذات الوقت، قررت ان سياسة ممارسة العنف لن تحقق ما يمكن ان تحققه عمليات التفاوض السياسي.
وربما، برأي روبرتس، من الضروري ان تطلع البوليزاريو بشكل معمق علي الاتفاق السياسي الذي تم التوصل اليه في ايرلندا الشمالية اخيرا، ومن المستحسن ان يتعمق المغرب ايضا في هذا الاتفاق.
وقدم السفير الجزائري السيد محمد الصالح دمبري مداخلة اشار فيها الي ان الصحراء الغربية تشكل كيانا معترفا به في الامم المتحدة بحسب القرار 1514 الصادر في 15 كانون الاول (ديسمبر) 1960. وقد اشرفت اسبانيا علي تحقيق هذا التطور الهام بالنسبة للصحراء الغربية، فلماذا لا تقوم اسبانيا الان بدور في عملية استقلال الصحراء؟ . واضاف انه علي الرغم من تواجد الاعتراف الدولي باستقلالية الصحراء فان الصحراويين مستعدون للقبول بمبدأ الاستفتاء لتقرير مصيرهم، ومن الضروري اتاحة المجال لهذا الشعب بان يقرر مصيرة بنفسه وطبيعة علاقاته مع جيرانه .
وقال السفير الجزائري ان رئيس الوزراء المغربي الفيلالي ساهم في تقطيع اوصال اي موقف موحد من جانب دول المغرب العربي عندما صرح بانه طالما تواجدت قضية الصحراء الغربية فلا مكان لمثل هذا الموقف الموحد من الدول المغاربية.
ورد السفير المغربي عليه بالقول ربما من الافضل عدم العودة كثيرا الي الماضي والتطلع اكثر الي المستقبل الافضل للجميع .
وعاود ممثل البوليزاريو طرح التساؤلات حول وجود اي قرار دولي او اي وثيقة دولية تؤكد حق المغرب بالسيطرة علي الصحراء الغربية سياسيا، او حق المغرب بالتفاوض علي تقاسم اراضي الصحراء الغربية مع موريتانيا.
واكد روبرتس ضرورة معالجة قضية اللاجئين الصحراويين في الخارج والتطلع نحو الايجابيات.
ودعا الي عودة جميع هؤلاء اللاجئين الي ارضهم في اي اتفاقية يتم التوقيع عليها. وشدد علي ضرورة السرعة في عودة انطلاق المفاوضات البراغماتية الفاعلة، بما ان الامم المتحدة والقانون الدولي اخفقا في مهمتهما حتي الان. وادارت الندوة كلير سبنسر، مديرة قسم الشرق الاوسط في المعهد.
No comments:
Post a Comment